الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
178286 مشاهدة print word pdf
line-top
شرح كتاب ثلاثة الأصول

صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في هذا الصباح إن شاء الله نتكلم على الأصل الأول من الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها.
فأولا: معرفة الحنيفية؛ الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين.
جعلنا الله تعالى من الحنفاء المستقيمين، المتبعين لهذه الملة الحنيفية، وقد وصف الله تعالى إبراهيم بذلك، قال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا فكرر حنيفا في هذه الآيات مرتين.
وقد أمر الله تعالى بها العباد مُطْلَقًا، فقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ .
فإذا قيل: ما المراد بالحنيف؟ متى يكون الإنسان حنيفًا؟ يقولون: الحنيف هو الْمُقْبِلُ على الله، الْمَائِلُ عَمَّا سواه. الإقبال على الله بالقلب بالنية، والصدود عن غيره من المخلوقات. ويُعَرِّفهُ بعضهم الحنيف: المائل عن الشرك قَصْدًا إلى التوحيد. الحنَف هو الميل؛ فالحنيف هو الْمُقْبِلُ على الله المعرض عن كل ما سواه من المخلوقات.
فهكذا أُمِرْنَا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ أن تعبدوا ربكم عبادة كاملة مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ؛ وذلك لأن هذه هي وظيفة الإنسان، إذا قيل: ما وظيفتك في هذه الحياة؟ ليس وظيفتك وظيفة الدنيا، بل الأصل أن وظيفة كل إنسان هي العبادة التي خلق الله لها الخلق، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ هكذا أخبر بأنه خلق الْجِنَّ والإنس لهذه الوظيفة، وهى عبادته.
ومعنى ذلك أن يُخْلِصُوا له العبادة؛ فإن العبادة لا تُسَمَّى عبادة إلا مع التوحيد، ومع الإخلاص، فَمَنْ عبد الله وعَبَد غيره؛ لم يكن من المخلصين؛ الله تعالى لا يرضى أن يُشْرَكَ معه في عبادته أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فضلا عن غيرهما.

line-bottom